عصر التقليد والجمود - المنتديات


نور الحق
-
[ رسائل جديدة · المشاركين · قواعد المنتدى · بحث · RSS ]
  • صفحة 1 من%
  • 1
المنتديات » ۩۞۩ :: المنتديات الشرعية:: ۩۞۩ » ۩ منتدى الفقه واصوله ۩ » عصر التقليد والجمود
عصر التقليد والجمود
الامامDate: الثلاثاء, 2012-11-13, 7:04 PM | Message # 1





مجموعة: مشرف عام المنتدى
مشاركات: 43
الحالة: Offline
عصر التقليد والجمود

ثم انتقل الفقه بعد عصر الأئمة إلى مرحلة جديدة تمتدُّ من منتصف القرن الرابع إلى عصر النهضة الفقهية الحديثة، وهو عصر التقليد والجمود.

فقد أحاطت بالفقه الإسلامي في بعض أدواره التاريخية عوامل سياسية واجتماعية وعلمية، تضخَّم على إثرها فقه العبادات والمعاملات على حساب فقه السياسة والاقتصاد والعَلاقات الدُّولية، كما تغيَّرت بفعل تلك العوامل تركيبة المنظومة الفقهية، فأصبح التقليد قاعدة، والاجتهاد استثناء، الأمر الذي ترك آثارًا سلبيَّة على العقل الفقهي على مسـتوى المنهج والإنتاج.

أما المنهج فقد استُبدِلت بنصوص الشريعة -الكتاب والسنة- نصوص الأئمة المجتهدين في الاستنباط والاستدلال الفقهيين، كما اعتنى الفقهاء بتقرير الأحكام المجرَّدة أكثر من عنايتهم بقواعد تنـزيلها على الواقع، فضمرت إلى حدٍّ ما صلة الفقه بالحياة العامَّة.

أما على مستوى الإنتاج، فقد اشتغل العقل الفقهي بعد توقُّف حركة الاجتهاد -في الغالب الأعمِّ- بإنتاج تعليمي يتعامل مع المتون، ولا يلتفت إلى قضايا الأمة، وحاجات أبنائها، ومتطلبات وجودها الحضاري.

ابن تيمية .. صاحب مدرسة التجديد

لكنْ على الرغم من امتداد عصر الجمود والتقليد فإن تاريخ الفقه فـي هذه المدَّة الطويلة لم يُعْدَم نماذج مستثناة من الخطِّ العامِّ، ونستعرض في هذه السطور طرفًا من حياة بعضهم، ومن منهجه في الفقه، ومنهم -على سبيل المثال- الإمام ابن تيمية (661- 728هـ).

فقد اتَّسمت الدراسات في عهد ابن تيمية بالتحيُّزِ الفكري، فكلٌّ له إمام يتبعه في الفقه وفي العقيدة، وقد ابتدأ ذلك بالخلاف بين المذاهب في القرن الرابع، والتعصَّب المذهبي فيه سواء أكان في الفقه أو في الاعتقاد، وتوارثت الأجيال ذلك التحيُّز الفكري، فانتقل إليها مدوَّنًا في الكتب، وإنك لتجد بعض الكتب الضخام فتقرأ أحدها فتجده كله قائمًا على شرح الخلافات القديمة، وبيان أوجه النظر المختلِفة، والتعصُّب لرأي منها، وقد سرى ذلك إلى المعاصرين لابن تيمية، فكان ذلك محلَّ الخلاف بينه وبينهم، هم يتبعون الرجال على أسمائهم، وهو يتبع الدليل أنَّى يكون، وإذا كانت القرون الثلاثة السادس والسابع والثامن قد امتازت في العلم بشيء، فقد امتازت بكثرة العلم، لا بكثرة الفكر، فقد كانت المعلومات كثيرة جدًّا، وتحصيلها كان بقدر عظيم، ولكنَّ التفكير في وزن الأدلة بالمقاييس السليمة من غير تحيُّز كان قليلاً، ولم يكن متناسبًا مع الثروة التي كانت موجودة في ذلك العصر، وقد استفاد ابن تيمية من هذه المادة العلمية، وإذا كان غيره قد درسها دراسة حفظ واتِّباع؛ فابن تيمية درسها دراسة حفظ واجتهاد، وفحصها فحص العارف الخبير، والمُحِيط بالدقائق وعُمْقِ الأفكار، فتكوَّنت له آراء مستقلَّة تُوَافِق بعض الموجود، أو تخالِفه كلَّه، وانطلق في إعلان آرائه حُرًّا جريئًا[45].

إن ابن تيمية يُعتَبر نقطة تحوُّل كبيرة في تاريخ الفقه الإسلامي، حيث اعتمد في اختياراته الفقهية على النظر في الأدلَّة، والأخذ بالقويِّ من آراء الفقهاء السابقين، واستخرج أحكامًا للقضايا الجديدة في عصره[46].

وإذا كان من علامات المجدِّد البارزة أن يعمَّ علمه ونفعه أهلَ عصره، فإنَّ لابن تيمية قَصَب السبق في ذلك، إذ تكوَّنت في حياته مدرسة كبرى، واتجاه علمي وعملي متميِّز، وباستقراء سريع لأبرز مَن تخرَّجوا من هذه المدرسة نُدْرِك عظمتها ومكانتها في الفكر الإسلامي؛ فابن القيِّم المُتَوَفَّى سنة 742هـ، وابن كثير المُتَوَفَّى سنة 774هـ، وابن عبد الهادي المُتَوَفَّى سنة 744هـ، والبزَّار المُتَوَفَّى سنة 749هـ وغيرهم كثير، تخرَّج في هذه المدرسة العظيمة، وما زالت كتب ابن تيمية وكتب تلامذته حيَّة على مرِّ الدهور، وتتابُع الأيام يَنْهَلُ منها العلماء، ويَفِيء إلى ظلِّها المهتدون، ويستنير بظلِّها وسناها الحائرون[47].

الإمام الشوكاني

كما يُعَدُّ الإمام الشوكاني (1173- 1250هـ) كذلك من أبرز مَن انخرط في الواقع السياسي والاجتماعي، كما عاين عن كَثَبٍ الواقع الثقافي والعَقَدِي، وتَعَمَّقَ فـي درسه، وأثمر ذلك كله اجتهادًا فقهيًّا ثريًّا ظهر جليًّا في كتبه المختلفة.

ولقد جلبت شخصية الشوكاني" الكثير من الباحثين، الذين حاولوا التعرُّف على رصيده العلمي، ومدى تجاوزه للمنظومة المعرفيَّة والفقهيَّة التي كانت سائدة في عصره، والمتأمِّل في هذه الدراسات يجدُها تمحورت في مجالات عديدة من فِكْرِه، لكن جانب الفقه والأصول لم يَلْقَ الاهتمام اللازم من قِبَلِ الباحثين، إذ يُلاحَظ غياب الدراسة الاستجلائية الهادفة إلى استخراج منظومة "الشوكاني" الفقهية، ومنهجه التجديدي في الفقه الإسلامي، على الرغم من أن تجديد المنهج الفقهي كان منطلق الحركة الإصلاحية التي قادها، والثورة الفقهية التي سعى لإحداثها[48].


 
المنتديات » ۩۞۩ :: المنتديات الشرعية:: ۩۞۩ » ۩ منتدى الفقه واصوله ۩ » عصر التقليد والجمود
  • صفحة 1 من%
  • 1
بحث:

 تصميم : مزاره ب.
استضافة مجانية - uCoz