الشافعي .. كاتب الأصول - المنتديات


نور الحق
-
[ رسائل جديدة · المشاركين · قواعد المنتدى · بحث · RSS ]
  • صفحة 1 من%
  • 1
المنتديات » ۩۞۩ :: المنتديات الشرعية:: ۩۞۩ » ۩ منتدى الفقه واصوله ۩ » الشافعي .. كاتب الأصول
الشافعي .. كاتب الأصول
الامامDate: الثلاثاء, 2012-11-13, 7:02 PM | Message # 1





مجموعة: مشرف عام المنتدى
مشاركات: 43
الحالة: Offline
الشافعي .. كاتب الأصول

وثالث هؤلاء الأئمة هو محمد بن إدريس الشافعي الهاشمي المطَّلبي، الذي وُلِدَ في غزة بفلسطين سنة 150هـ، وتُوُفِّيَ في مصر سنة 204هـ، وقد وضع مذهبه الجديد فيها.

وبالنسبة إلى أشهر كتبه؛ فإنه لمَّا ظهر الشافعي بعلمه ومواهبه، ولَفَتَ الأنظار إليه في مجالسه في المسجد الحرام، ثم في لقاءاته بالعراق، أرسل إليه بعض علمائها، وهو عبد الرحمن بن مهدي (ت 198هـ) رسالة يطلب إليه فيها أن يكتب لهم كتابًا يُبَيِّن فيه معاني القرآن، ويجمع فيه قبول الأخبار، أي شروط قَبُول الحديث، ويُبَيِّن لهم حجية الإجماع، والناسخ والمنسوخ من القرآن والسنة، وقد أكَّدَ ذلك الطلب وتلك الحاجة العالم علي ابن المَدِينِيِّ الذي قال للشافعي: أجب عبد الرحمن بن مهدي عن كتابه، فقد كتب إليك يسألك وهو متشوِّق إلى جوابك. قال: فأجابه الشافعي، وهو كتاب الرسالة الذي كتب عنه بالعراق، وإنما هي رسالته إلى عبد الرحمن بن مهدي، وقد أطلق الناس على كتابه هذا "الرسالة"؛ نظرًا لهذا السبب، ولكن الشافعي يسمِّيه "الكتاب"، أو "كتابي".

وبحسب الروايات السابقة فإن الشافعي يكون قد ألَّف رسالته هذه في مكَّة، وأرسلها إلى عبد الرحمن بن مهدي في العراق، وذلك هو المشهور، ولكن هناك رواية أخرى تذكر أن الشافعي ألَّف كتابه هذا في العراق، قال الرازي: "اعلم أن الشافعي رضى الله عنه صنَّف كتاب الرسالة ببغداد، ولما رجع إلى مصر أعاد تصنيف كتاب الرسالة وفي كل منهما علم كثير". ومن هذه الرواية نعلم أيضًا أنه قد أعاد تأليفها في مصر بعد انتقاله إليها، ولا تعارض بين الروايات، فمِنَ الجائز أن يكون الشافعي قد ألَّف رسالته ثلاث مرَّات، لا ينشئها إنشاءً، ولكن يُعِيدُ النظر فيها وفي ترتيبها بالإضافة والحذف أو التقديم والتأخير[38].

وتستمدُّ الرسالة قيمتها العلمية، ومكانتها الفقهية والأصولية من الشافعي نفسه، وهو مَن عَرَفْنا من العلم والفقه والحديث واللغة؛ لذلك فإن كل فضل في هذه الرسالة انعكاس لفضل الشافعي، ومكانته بين العلماء، كما أن كل ثناء على الشافعي نجده بصورة أو بأخرى في ثنايا هذه الرسالة، وقد تكلَّم العلماء كثيرًا في فضل هذه الرسالة وقيمتها بما يضعها في قمَّة كتب الفقه وأصوله، وفي قمة كتب الشافعي أيضًا.

وهذا طرف من ثناء العلماء على هذه الرسالة، وآرائهم في قيمتها ومكانتها؛ فقد قال عبد الرحمن بن مهدي الذي أرسل إليه الشافعي رسالته هذه: "لما نظرتُ الرسالة للإمام الشافعي أذهلتني، لأنني رأيت كلامَ رجلٍ عاقل فصيح ناصح، فإني لأُكْثِرُ الدعاءَ له". وقال: "ما أُصَلِّي صلاة إلاَّ وأنا أدعو للشافعي فيها". وقال المزني: "أنا أنظر في كتاب الرسالة عن الشافعي منذ خمسين سنة ما أعلم أني نظرتُ فيه من مرَّة إلاَّ وأنا أستفيد شيئًا لم أكن عرفته"[39].

وكتاب الرسالة هذا هو أوَّل كتاب منظَّم في أصول الفقه وفي أصول الحديث أيضًا؛ وذلك لأن الناس قبله كانوا يتكلَّمون في المسائل الأصولية حسبما اتُّفِقَ، ولم يكن لهم نظام جامع ولا قواعد كلية، إلى أن ألَّف الشافعي رسالته هذه، فوضع فيها القواعد الكلية والقانون الجامع في أصول الفقه، وفي ذلك يقول الفخر الرازي: "اعلم أن نسبة الشافعي إلى علم الأصول كنسبة أرسطو إلى علم المنطق، وكنسبة الخليل بن أحمد إلى علم العَرُوض؛ وذلك لأن الناس كانوا قبل أرسطو يستدلُّون ويعترضون بمجرد طباعهم السليمة، ولكن ما كان عندهم قانون في كيفية ترتيب الحدود والبراهين، وكذلك الشعراء كانوا قبل الخليل بن أحمد ينظمون أشعارًا وكان اعتمادهم على مجرَّد الطبع، فكذلك ههنا الناس، كانوا قبل الإمام الشافعي رضى الله عنه يتكلَّمون في مسائل أصول الفقه ويستدلُّون ويعترضون، ولكن ما كان لهم قانون كلي مرجوع إليه في معرفة دلائل الشريعة، وفي كيفية معارضتها وترجيحاتها، فاستنبط الشافعي -رحمه الله تعالى- علم أصول الفقه، ووضع للخلق قانونًا كليًّا يُرجَع إليه في معرفة مراتب أدلَّة الشرع، واعترف الجميع للشافعي بالرفعة والجلالة والتميُّز على سائر المجتهدين بسبب هذه الدرجة الشريفة". ثم يقول -أي الفخر الرازي-: "والناس وإن أطنبوا بعد ذلك في علم أصول الفقه إلا أنهم عيال على الشافعي فيه؛ لأنه هو الذي فتح هذا الباب، والسبق لمن سبق"[40].

وقد تناول الشافعي في هذه الرسالة مصادر الأحكام الرئيسية: القرآن الكريم والسنة النبوية، والإجماع، والقياس، والاجتهاد، تناول ذلك كلَّه بالبيان الذي يوضِّح مكان كلٍّ منها من بين المصادر، وعَلاقة المصادر الأخرى به، ومكان الحُجة فيه، كما يتحدَّث عن الاستحسان، وأسباب الاختلاف في الحديث والفقه، ويقسِّم الشافعي ذلك في الرسالة على ثلاثة أجزاء، ويبدو أن هذا التقسيم تقسيم كَمِّيٍّ أو وقتيٍّ، بمعنى أن الشافعي قسَّمها هذا التقسيم حسب كمية الموضوعات التي تناولها في كل جزء، أو عند الانتهاء منها أنهى ذلك الجزء، ثم عند استئناف الإملاء ابتدأَ جزءًا آخر، وهكذا.


 
المنتديات » ۩۞۩ :: المنتديات الشرعية:: ۩۞۩ » ۩ منتدى الفقه واصوله ۩ » الشافعي .. كاتب الأصول
  • صفحة 1 من%
  • 1
بحث:

 تصميم : مزاره ب.
استضافة مجانية - uCoz