نشأة المذاهب الإسلامية - المنتديات


نور الحق
-
[ رسائل جديدة · المشاركين · قواعد المنتدى · بحث · RSS ]
  • صفحة 1 من%
  • 1
المنتديات » ۩۞۩ :: المنتديات الشرعية:: ۩۞۩ » ۩ منتدى الفقه واصوله ۩ » نشأة المذاهب الإسلامية
نشأة المذاهب الإسلامية
الامامDate: الثلاثاء, 2012-11-13, 6:59 PM | Message # 1





مجموعة: مشرف عام المنتدى
مشاركات: 43
الحالة: Offline
نشأة المذاهب الإسلامية

ولا شكَّ أن التابعين تفرَّقوا في الأمصار بعد اتساع الرقعة الإسلامية، وقد لاقَوْا أوضاعًا وأحداثًا وأمورًا لم تَعْرِض للصحابة من قبلُ، وكان عليهم أن يبحثوها ويُفْتُوا فيها، وبذلك ازداد نطاق الفقه اتِّساعًا؛ الأمر الذي اختلفت بسببه أقوال التابعين، وكان من وراء ذلك أن صار لكل فقيه من التابعين جملة آراء مستقلَّة نستطيع أن نسميها مذهبًا، واشتهر من هؤلاء: سعيد بن المسيب وعبد الله بن عمر في المدينة، ويحيى بن سعيد، وربيعة بن عبد الرحمن، وعطاء بن أبي رباح في مكة، وإبراهيم النخعي، والشعبي في الكوفة، والحسن البصري في البصرة، وطاوس بن كيسان في اليمن، ومكحول في الشام... إلخ[26].

والذي ينبغي التنبيه عليه هنا هو أن الصحابة اختلفوا، وفي زمن الرسول r نفسه، وأن التابعين كذلك اختلفوا على نحو ما أشرنا، وأن هذا الاختلاف الذي هو في الفروع الفقهية -كما يقول الإمام أبو زهرة- لا ضرر فيه على المسلمين، ولا على الحقائق الإسلامية ما دام القصد الوصول إلى الحقِّ، وليس في واحدٍ من الآراء هدم لنصٍّ، أو نقض لأصل، أو مصادمة لمقصد من المقاصد الشرعية، ويُروى في ذلك أن عمر بن عبد العزيز قال: "ما يسرني باختلاف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حُمْرُ النَّعَمِ، ولو كان رأيًا واحدًا لكان الناس في ضيق"[27].

أسباب الاختلاف الفقهي

وإذا ما جئنا إلى موضوع الاختلاف الفقهي؛ فإن له أسبابًا متعددة ما بين مُجْمَل ومفصَّل، لكنها تعود في حقيقة الأمر إلى أربعة أسباب إجماليَّة هي[28]:

الأوَّل: الاختلاف في ثبوت النصِّ وعدم ثبوته: فالنصُّ الشرعيُّ هو المرجع الأوَّل للمجتهدين جميعًا، وعليه يدور استنباط الأحكام الشرعية، فإذا صحَّ ثبوته وكانت دلالته صريحة، وكان سالمًا من المعارض، كان عليه الاعتماد في الحكم، وهذا معنى قول الأئمة المجتهدين: "إذا صحَّ الحديث فهو مذهبي".

الثاني: اختلاف العلماء في فَهم النصوص الشرعية: فالعلماء يختلفون في فَهم النصِّ الثابت والاستنباط منه، وهذا يرجع إلى جانبين: جانب يعود إلى النصِّ نفسه، وجانب يعود إلى المجتهد في فَهم ذلك النصِّ؛ فمن أمثلة الجانب الأول، ما ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد وقال عنه: رجاله موثوقون عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يَمَسَّ الْقُرْآنَ إِلاَّ طَاهِرٌ"[29]، قال الصنعاني: "فإن لفظة طاهر لفظ مشتَرَك يُطلق على الطاهر من الحدث الأكبر، والطاهر من الحدث الأصغر، ويُطلق على المؤمن وعلى مَن ليس على بدنه نجاسة، ولا بُدَّ لحمله على مُعَيَّن من قرينة"[30]، فالاختلاف في معنى "طاهر" أدَّى إلى اختلاف الحكم الفقهي. ومن الأمثلة على الجانب الثاني اختلاف الصحابة رضوان الله عليهم في صلاة العصر في بني قريظة.

الثالث: الاختلاف في الجمع والترجيح بين النصوص: فقد تتعارض ظواهر بعض النصوص الشرعية؛ فيختلف العلماء في الجمع بين ظواهرها والتوفيق بين معانيها، أو في توضيح بعضها على بعض؛ مما ينتج عنه اختلاف في الأحكام الشرعية، ومن أمثلة التعارض بين النصوص الشرعية التي استتبعت اختلاف العلماء في الأحكام: اختلافهم في صفة صلاة الكسوف والقراءة فيها، واختلافهم في استقبال القبلة واستدبارها عند قضاء الحاجة.

الرابع: الاختلاف في القواعد الأصولية وبعض مصادر الاستنباط: فمن المعروف عن أهل العلم أن العلماء المجتهدين اختلفوا فيما بينهم في حجية بعض المصادر والأصول الاجتهادية؛ كاعتماد الإمام مالك -رحمه الله تعالى- على حجية عمل أهل المدينة دون غيره من الأئمة، وكَتَرْكِ الحنفية العمل بمفهوم المخالفة، وعمل الجمهور به؛ ومخالفة الحنفية في إمكان حمل العامِّ على الخاصِّ، وحمل المُطْلَق على المقَيَّد، وقولهم بالأخذ بعمل الراوي إذا عمل خلاف ما رواه[31].

والواقع أن مسألة اختلاف الفقهاء رحمة وتوسعة على الأُمَّة الإسلامية، وهي خصيصة لهذه الأُمَّة, وتوسيع في هذه الشريعة السمحة السهلة، فوق أنها تثبت صلاح الشريعة الإسلاميَّة لكلِّ عصرٍ وأوان، واستيعابها لكلِّ أصناف البشر واختلافاتهم.


 
المنتديات » ۩۞۩ :: المنتديات الشرعية:: ۩۞۩ » ۩ منتدى الفقه واصوله ۩ » نشأة المذاهب الإسلامية
  • صفحة 1 من%
  • 1
بحث:

 تصميم : مزاره ب.
استضافة مجانية - uCoz